سورة الحج - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحج)


        


{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنعام فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34)}
قوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً} لما ذكر تعالى الذبائح بين أنه لم يخل منها أمة، والامة القوم المجتمعون على مذهب واحد، أي ولكل جماعة مؤمنة جعلنا منسكا. والمنسك الذبح وإراقة الدم، قاله مجاهد. يقال: نسك إذا ذبح ينسك نسكا. والذبيحة نسيكة، وجمعها نسك، ومنه قوله تعالى: {أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}
[البقرة: 196]. والنسك أيضا الطاعة.
وقال الأزهري في قوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً}: إنه يدل على موضع النحر في هذا الموضع، أراد مكان نسك. ويقال: منسك ومنسك، لغتان، وقرى بهما. قرأ الكوفيون إلا عاصما بكسر السين، الباقون بفتحها.
وقال الفراء: المنسك في كلام العرب الموضع المعتاد في خير أو شر. وقيل مناسك الحج لترداد الناس إليها من الوقوف بعرفة ورمى الجمار والسعى.
وقال ابن عرفة في قوله: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً}: أي مذهبا من طاعة الله تعالى، يقال: نسك نسك قومه إذا سلك مذهبهم.
وقيل: منسكا عيدا، قاله الفراء.
وقيل: حجا، قاله قتادة. والقول الأول أظهر، لقوله تعالى: {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنعام} أي على ذبح ما رزقهم. فأمر تعالى عند الذبح بذكره وأن يكون الذبح له، لأنه رازق ذلك. ثم رجع اللفظ من الخبر عن الأمم إلى إخبار الحاضرين بما معناه فالإله واحد لجميعكم، فكذلك الامر في الذبيحة إنما ينبغي أن تخلص له. فوله تعالى: {فَلَهُ أَسْلِمُوا} معناه لحقه ولوجهه وإنعامه آمنوا وأسلموا. ويحتمل أن يريد الاستسلام، أي له أطيعوا وانقادوا. قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} المخبت: المتواضع الخاشع من المؤمنين. والخبت ما انخفض من الأرض، أي بشرهم بالثواب الجزيل. قال عمرو بن أوس: المخبتون الذين لا يظلمون، وإذا ظلموا لم ينتصروا.
وقال مجاهد فيما روى عنه سفيان عن ابن أبى نجيح: المخبتون المطمئنون بأمر الله عز وجل.


{الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (35)}
فيه مسألتان: الأولى: قوله تعالى: {وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} أي خافت وحذرت مخالفته. فوصفهم بالخوف والوجل عند ذكره، وذلك لقوة يقينهم ومراعاتهم لربهم، وكأنهم بين يديه، ووصفهم بالصبر وإقامة الصلاة وإدامتها.
وروى أن هذه الآية قوله: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} نزلت في أبى بكر وعمر وعلى رضوان الله عليهم. وقرأ الجمهور: {الصَّلاةِ} بالخفض على الإضافة، وقرأ أبو عمرو: {الصلاة} بالنصب على توهم النون، وأن حذفها للتخفيف لطول الاسم. وأنشد سيبويه:
الحافظو عورة العشيرة ***
الثانية: هذه الآية نظير قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2]، وقوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: 23]. هذه حالة العارفين بالله، الخائفين من سطوته وعقوبته، لا كما يفعله جهال العوام والمبتدعة الطغام من الزعيق والزئير، ومن النهاق الذي يشبه نهاق الحمير، فيقال لمن تعاطى ذلك وزعم أن ذلك وجد وخشوع: إنك لم تبلغ أن تساوى حال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا حال أصحابه في المعرفة بالله تعالى والخوف منه والتعظيم لجلاله، ومع ذلك فكانت حالهم عند المواعظ الفهم عن الله والبكاء خوفا من الله. وكذلك وصف الله تعالى أحوال أهل المعرفة عند سماع ذكره وتلاوة كتابه، ومن لم يكن كذلك فليس على هديهم ولا على طريقتهم، قال الله تعالى:
{وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة: 83]. فهذا وصف حالهم وحكاية مقالهم، فمن كان مستنا فليستن، ومن تعاطى أحوال المجانين والجنون فهو من أخسهم حالا، والجنون فنون. روى الصحيح عن أنس بن مالك أن الناس سألوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أحفوه في المسألة، فخرج ذات يوم فصعد المنبر فقال: «سلوني لا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم ما دمت في مقامي هذا» فلما سمع ذلك القوم ارموا ورهبوا أن يكون بين يدي أمر قد حضر. قال أنس: فجعلت ألتفت يمينا وشمالا فإذا كل إنسان لأف رأسه في ثوبه يبكى. وذكر الحديث. وقد مضى القول في هذه المسألة بأشبع من هذا في سورة الأنفال والحمد لله.


{وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36)}
فيه عشر مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {وَالْبُدْنَ} وقرأ ابن أبى إسحاق: {وَالْبُدْنَ} لغتان، واحدتها بدنة. كما يقال: ثمرة وثمر وثمر، وخشبة وخشب وخشب. وفى التنزيل: {وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ} وقرى: {ثمر} لغتان. وسميت بدنة لأنها تبدن، والبدانة السمن.
وقيل: إن هذا الاسم خاص بالإبل.
وقيل: البدن جمع {بدن} بفتح الباء والدال. ويقال: بدن الرجل بضم الدال إذا سمن. وبدن بتشديدها إذا كبر وأسن. وفى الحديث: «إنى قد بدنت» أي كبرت وأسننت.
وروى: «بدنت» وليس له معنى، لأنه خلاف صفته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومعناه كثرة اللحم. يقال: بدن الرجل يبدن بدنا وبدانة فهو بادن، أي ضخم.
الثانية: اختلف العلماء في البدن هل تطلق على غير الإبل من البقر أم لا، فقال ابن مسعود وعطاء والشافعي: لا.
وقال مالك وأبو حنيفة: نعم. وفائدة الخلاف فيمن نذر بدنة فلم يجد البدنة أو لم يقدر عليها وقدر على البقرة، فهل تجزيه أم لا، فعلى مذهب الشافعي وعطاء لا تجزيه. وعلى مذهب مالك تجزيه. والصحيح ما ذهب إليه الشافعي وعطاء، لقوله عليه السلام في الحديث الصحيح في يوم الجمعة: «من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة» الحديث. فتفريقه عليه السلام بين البقرة والبدنة يدل على أن البقرة لا يقال عليها بدنة، والله أعلم. وأيضا قوله تعالى: {فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها} يدل على ذلك، فإن الوصف خاص بالإبل. والبقر يضجع ويذبح كالغنم، على ما يأتي. ودليلنا أن البدنة مأخوذة من البدانة وهو الضخامة، والضخامة توجد فيهما جميعا. وأيضا فإن البقرة في التقرب إلى الله تعالى بإراقة الدم بمنزلة الإبل، حتى تجوز البقرة في الضحايا على سبعة كالإبل. وهذا حجة لابي حنيفة حيث وافقه الشافعي على ذلك، وليس ذلك في مذهبنا. وحكى ابن شجرة أنه يقال في الغنم بدنة، وهو قول شاذ. والبدن هي الإبل التي تهدى إلى الكعبة. والهدى عام في الإبل والبقر والغنم.
الثالثة: قوله تعالى: {مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ} نص في أنها بعض الشعائر. وقوله: {لَكُمْ فِيها خَيْرٌ} يريد به المنافع التي تقدم ذكرها. والصواب عمومه في خير الدنيا والآخرة.
الرابعة: قوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ} أي انحروها على اسم الله. و{صَوافَّ} أي قد صفت قوائمها. والإبل تنحر قياما معقولة. واصل هذا الوصف في الخيل، يقال: صفن الفرس فهو صافن إذا قام على ثلاث قوائم وثني سنبك الرابعة، والسنبك طرف الحافر. والبعير إذا أرادوا نحره تعقل إحدى يديه فيقوم على ثلاث قوائم. وقرأ الحسن والأعرج ومجاهد وزيد بن أسلم وأبو موسى الأشعري: {صوافي} أي خوالص لله عز وجل لا يشركون به في التسمية على نحرها أحدا. وعن الحسن أيضا {صواف} بكسر الفاء وتنوينها مخففة، وهى بمعنى التي قبلها، لكن حذفت الياء تخفيفا على غير قياس.
و{صَوافَّ} قراءة الجمهور بفتح الفاء وشدها، من صف يصف. وواحد صواف صافة، وواحد صوافي صافية. وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأبو جعفر محمد بن على {صوافن} بالنون جمع صافنة. ولا يكون واحدها صافنا، لان فاعلا لا يجمع على فواعل إلا في حروف مختصة لا يقاس عليها، وهى فارس وفوارس، وهالك وهوالك، وخالف وخوالف. والصافنة هي التي قد رفعت إحدى يديها بالعقل لئلا تضطرب. ومنه قوله تعالى: {الصَّافِناتُ الْجِيادُ} [ص: 31].
وقال عمرو بن كلثوم:
تركنا الخيل عاكفة عليه *** مقلدة أعنتها صفونا
ويروى:
تظل جياده نوحا عليه *** مقلدة أعنتها صفونا
وقال آخر:
ألف الصفون فما يزال كأنه *** مما يقوم على الثلاث كسيرا
وقال أبو عمرو الجرمي: الصافن عرق في مقدم الرجل، فإذا ضرب على الفرس رفع رجله.
وقال الأعشى:
وكل كميت كجذع السحو *** ق يرنو القناء إذا ما صفن
الخامسة: قال ابن وهب: أخبرني ابن أبى ذئب أنه سأل ابن شهاب عن الصواف فقال: تقيدها ثم تصفها.
وقال لي مالك بن أنس مثله. وكان العلماء على استحباب ذلك، إلا أبا حنيفة والثوري فإنهما أجازا أن تنحر باركة وقياما. وشذ عطاء فخالف واستحب نحرها باركة. والصحيح ما عليه الجمهور، لقوله تعالى: {فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها} معناه سقطت بعد نحرها، ومنه وجبت الشمس. وفى صحيح مسلم عن زياد بن جبير أن ابن عمر أتى على رجل وهو ينحر بدنته باركة فقال: ابعثها قائمة مقيدة سنة نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وروى أبو داود عن أبى الزبير عن جابر، وأخبرني عبد الرحمن بن سابط أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى قائمة على ما بقي من قوائمها.
السادسة: قال مالك: فإن ضعف إنسان أو تخوف أن تنفلت بدنته فلا أرى بأسا أن ينحرها معقولة. والاختيار أن تنحر الإبل قائمة غير معقولة، إلا أن يتعذر ذلك فتعقل ولا تعرقب إلا أن يخاف أن يضعف عنها ولا يقوى عليها. ونحرها باركة أفضل من أن تعرقب. وكان ابن عمر يأخذ الحربة بيده في عنفوان أيده فينحرها في صدرها ويخرجها على سنامها، فلما أسن كان ينحرها باركة لضعفه، ويمسك معه الحربة رجل آخر، وآخر بخطامها. وتضجع البقر والغنم.
السابعة: ولا يجوز النحر قبل الفجر من يوم النحر بإجماع. وكذلك الأضحية لا تجوز قبل الفجر. فإذا طلع الفجر حل النحر بمنى، وليس عليهم انتظار نحر إمامهم، بخلاف الأضحية في سائر البلاد. والمنحر منى لكل حاج، ومكة لكل معتمر. ولو نحر الحاج بمكة والمعتمر بمنى لم يحرج واحد منهما، إن شاء الله تعالى.
الثامنة: قوله تعالى: {فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها} يقال: وجبت الشمس إذا سقطت، ووجب الحائط إذا سقط. قال قيس بن الخطيم:
أطاعت بنو عوف أميرا نهاهم *** عن السلم حتى كان أول واجب
وقال أوس بن حجر:
ألم تكسف الشمس والبدر وال *** كواكب للجبل الواجب
فقوله تعالى: {فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها} يريد إذا سقطت على جنوبها ميتة. كنى عن الموت بالسقوط على الجنب كما كنى عن النحر والذبح بقوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها}. والكنايات في أكثر المواضع أبلغ من التصريح. قال الشاعر:
فتركته جزر السباع ينشنه *** ما بين قلة رأسه والمعصم
وقال عنترة:
وضربت قرني كبشها فتجدلا ***
أي سقط مقتولا إلى الجدالة، وهى الأرض، ومثله كثير. والوجوب للجنب بعد النحر علامة نزف الدم وخروج الروح منها، وهو وقت الأكل، أي وقت قرب الأكل، لأنها إنما تبتدأ بالسلخ وقطع شيء من الذبيحة ثم يطبخ. ولا تسلخ حتى تبرد لان ذلك من باب التعذيب، ولهذا قال عمر رضي الله عنه: لا تعجلوا الأنفس أن تزهق.
التاسعة: قوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْها} أمر معناه الندب. وكل العلماء يستحب أن يأكل الإنسان من هدية، وفية أجر وامتثال، إذا كان أهل الجاهلية لا يأكلون من هديهم كما تقدم.
وقال أبو العباس بن شريح: الأكل والإطعام مستحبان، وله الاقتصار على أيهما شاء.
وقال الشافعي: الأكل مستحب والإطعام واجب، فإن أطعم جميعها أجزأه وإن أكل جميعها لم يجزه، وهذا فيما كان تطوعا، فأما واجبات الدماء فلا يجوز أن يأكل منها شيئا حسبما تقدم بيانه.
العاشرة: قوله تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} قال مجاهد وإبراهيم والطبري: قوله: {وَأَطْعِمُوا} أمر إباحة. و{الْقانِعَ} السائل. يقال: قنع الرجل يقنع قنوعا إذا سأل، بفتح النون في الماضي وكسرها في المستقبل، يقنع قناعة فهو قنع، إذا تعفف واستغنى ببلغته ولم يسأل، مثل حمد يحمد- قناعة وقنعا وقنعانا، قاله الخليل. ومن الأول قول الشماخ:
لمال المرء يصلحه فيغنى *** مفاقره أعف من القنوع
وقال ابن السكيت: من العرب من ذكر القنوع بمعنى القناعة، وهي الرضا والتعفف وترك المسألة.
وروى عن أبى رجاء أنه قرأ {وأطعموا القنع} ومعنى هذا مخالف للأول.
يقال: قنع الرجل فهو قنع إذا رضى. وأما المعتر فهو الذي يطيف بك يطلب ما عندك، سائلا كان أو ساكتا.
وقال محمد بن كعب القرظي ومجاهد وإبراهيم والكلبي والحسن ابن أبى الحسن: المعتر المعترض من غير سؤال. قال زهير:
على مكثريهم رزق من يعتريهم *** وعند المقلين السماحة والبذل
وقال مالك: أحسن ما سمعت أن القانع الفقير، والمعتر الزائر.
وروى عن الحسن أنه قرأ: {والمعترى} ومعناه كمعنى المعتر. يقال: اعتره واعتراه وعره وعراه إذا تعرض لما عنده أو طلبه، ذكره النحاس.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12